سورة الأحزاب - تفسير تفسير الماوردي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأحزاب)


        


قوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُوُلِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ} فيه وجهان:
أحدهما: أي مواساة عند القتال، قاله السدي.
الثاني: قدوة حسنة يتبع فيها، والأسوة الحسنة المشاركة في الأمر يقال هو مواسيه بماله إذا جعل له نصيباً.
وفي المراد بذلك وجهان:
أحدهما: الحث على الصبر مع النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه.
الثاني: التسلية لهم فيما أصابهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم شُج وكُسِرَت رباعيته وقتل عمه حمزة.
{لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر} فيه وجهان
أحدهما: لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر قاله ابن عيسى.
الثاني: لمن كان يرجوا الله بإيمانه ويصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، قاله ابن جبير.

{وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} يحتمل وجهين
أحدهما: أي استكثر من العمل بطاعته تذكراً لأوامره.
الثاني: أي استكثر من ذكر الله خوفاً من عقابه ورجاء لثوابه واختلف فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين:
أحدهما: المنافقون عطفاً عل ما تقدم من خطابهم.
الثاني: المؤمنون لقوله: {لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}.
واختلف في هذه الأسوة بالرسول هل هي على الإِيجاب أو على الاستحباب على قولين:
أحدهما: على الإيجاب حتى يقوم دليل علىلاستحباب.
الثاني: على الاستحباب حتى يقول دليل على الإيجاب.
ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا.
قوله تعالى: {وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأحْزَابِ} الآية. فيه قولان:
أحدهما: أن الله وعدهم في سورة البقرة فقال {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم} [البقرة: 214] الآية. فلما رأواْ أحزاب المشركين يوم الخندق {قَالُواْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} قاله قتادة.
الثاني: ما رواه كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذكرت الأحزاب فقال: «أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةُ عَلَيهَا يَعْنِي قُصُورِ الحِيرَةِ وَمَدَائِنِ كِسرَى فَأبْشِرُوا بِالنَّصْرِ» فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صادق إذ وعدنا بالنصر بعد الحصر فطلعت الأحزاب فقال المؤمنون {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولَهُ} الآية.

{إِيمَاناً وَتَسْلِيماً} فيه قولان
أحدهما: إلا إيماناً وتسلمياً للقضاء، قاله الحسن.
الثاني: إلا إيماناً بما وعد الله وتسليماً لأمر الله.


قوله تعالى: {مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ اللَّهَ عَلَيْهِ} فيهم قولان
أحدهما: أنهم بايعوا الله على ألا يفرُّوا، فصدقوا في لقائهم العدو يوم أحد، قاله يحيى بن سلام.
الثاني: أنهم قوم لم يشهدوا بدراً فعاهدوا الله ألا يتأخروا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حرب يشهدها أو أمر بها، فوفوا بما عاهدوا الله عليه، قاله أنس بن مالك.

{فَمِنْهُم مَّن قَضَى نحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنْتَظِرُ} فيه ثلاثة تأويلات
أحدها: فمنهم من مات ومنهم من ينتظر الموت، قاله ابن عباس ومنه قول بشر بن أبي خازم:
قضى نحب الحياة وكلُّ حي *** إذا يُدْعى لميتته أجابا
الثاني: فمنهم من قضى عهده قتل أو عاش، ومنهم من ينتظر أن يقضيه بقتال أو صدق لقاء، قاله مجاهد.
الثالث: فمنهم من قضى نذره ومنه قول الراعي:
حتى تحنّ إلى ابن أكرمها *** حسباً وكن منجز النحب
فيكون النحب على التأويل الأول الأجل، وعلى الثاني العهد، وعلى الثالث النذر

{وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً} فيه وجهان
أحدهما: ما غيروا كما غير المنافقون، قاله ابن زيد.
الثاني: ما بدلوا ما عاهدوا الله عليه من الصبر ولا نكثوا بالفرار، وهذا معنى قول الحسن.

قوله: {لِّيَجْزِيَ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} يحتمل وجهين:
أحدهما: الذين صدقوا لما رأواْ الأحزاب {هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية.
الثاني: الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه من قبل فثابوا ولم يغيروا.

{وَيُعَذِّبُ الْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ} فيه وجهان
أحدهما: يعذبهم إن شاء ويخرجهم من النفاق إن شاء، قاله قتادة.
الثاني: يعذبهم في الدنيا إن شاء أو يميتهم على نفاقهم فيعذبهم في الآخرة إن شاء، قاله السدي.
{أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} قال السدي يخرجهم من النفاق بالتوبة حتى يموتوا وهم تائبون.

{إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} يحتمل وجهين
أحدهما: غفرواً بالتوبة رحيماً بالهداية إليها.
الثاني: غفوراً لما قبل التوبة رحيماً لما بعدها.


قوله تعالى: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَغَيظِهِمْ} يعني أبا سفيان وجموعه من الأحزاب.
{بِغَيظِهِمْ} فيه وجهان
أحدهما: بحقدهم.
الثاني: بغمّهم.
{لَمْ يَنَالُواْ خَيراً} قال السدي لم يصيبوا من محمد وأصحابه ظفراً ولا مغنماً
{وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} فيه وجهان
أحدهما: بعلي بن ابي طالب كرم الله وجهه. حكى سفيان الثوري عن زيد عن مرة قال أقرأنا ابن مسعود هذا الحرف: {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} بعلي بن أبي طالب.
الثاني: بالريح والملائكة، قاله قتادة والسدي.
{وََكَانَ اللَّهُ قَوِياً} في سلطانه. {عَزِيزاً} في انتقامه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8